بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على نبى الهدى ، فبداية رأيت أن أذكر ملخصا للنقاط الرئيسية التى يتناولها هذا الموضوع ، والتى توضح الفرق بين المفردات المذكورة ، كما أن الموضوع سيتناول تفسير بعض الآيات بناء على فهمنا لمعنى كلمة النفس كما وردت فى ما يقرب من 298 موقعا فى القرآن الكريم بما لا يدع مجالا للإختلاف فى معناها . ولو تدبرنا كلمة النفس فى القرآن الكريم فسيتضح لنا مفهومها بحيث لا نخلط بينها وبين كلمة الروح ... وبما أن الروح من أمر ربى ، فلن أخوض مطلقا فى ماهيتها ، وإنما أحوم حول أثرها فى الإنسان السوى مستندا لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
*
الحياة : هى النمو والحركة نتيجة تفاعلات كيمائية ويشترك فيها الإنسان والحيوان والحشرات والنبات .
النفس : هى جسم إنسان حى مع روح غير مقيدة .
الوفاة : هى قبض روح الإنسان .
الموت : هو قبض الروح وانتهاء الحياة .
النوم : هو قبض الروح وبقاء الحياة .
التكليف : يكون لإنسان سوى روحه غير مقيدة ... وينقص التكليف بوجود نقص فى جسم الإنسان .
1 - اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
2 - وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً
3 - إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ
4 - إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
1 - صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
570 - حدثنا عمران بن ميسرة قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا حصين، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال:
سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله، قال: (أخاف أن تناموا عن الصلاة). قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته، فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس، فقال: (يا بلال، أين ماقلت). قال: ما ألقيت علي نومة مثلها قط، قال: (إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء، يا بلال، قم فأذن بالناس بالصلاة). فتوضأ، فلما ارتفعت الشمس وابياضت، قام فصلى.
2 - سنن الترمذي (وشرح العلل)، الإصدار 2.11 - للإمام الترمذي
3461- حَدَّثَنَا ابنُ أبي عُمرَ المكِّيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَن ابن عجلانَ عَن سَعِيدٍ المقبريِّ عَن أَبي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قَالَ:
"إذا قامَ أحدكُم عن فراشهِ ثُمَّ رَجَعَ إليهِ فلينفُضهُ بصِنْفَةِ إزارِهِ ثلاثَ مراتٍ فإنَّهُ لا يدري ما خلفهُ عليهِ بعدهُ فإذا اضطجعَ فليقُلْ باسمكَ ربِّي وضعتُ جنبي وبكَ أرفعهُ فإنْ أمسكْتَ نفسي فارحمها وإنْ أرسَلتَها فاحفظها بما تحفظُ بهِ عبادكَ الصَّالحينَ، فإذا استيقظَ، فليقُل الحمدُ للَّهِ الَّذِي عافاني في جسدي ردَّ عليَّ روحي وأذنَ لي بذكرِهِ". وفي البابِ عَن جَابِرٍ وعَائِشَة، وحَدِيثُ أَبي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حسنٌ.
*** من الآية رقم ( 1 ) أعلاه من سورة الزمر ، والحديثين للبخارى والترمذى ، يمكننا أن نعرف النفس الإنسانية ، بأنها الروح والجسد مجتمعين ، وأن الروح تقبض فى حالتى الموت والنوم ... ففى حالة الموت تقبض الروح وتنتهى حياة الجسد ، وفى حالة النوم تقبض الروح ويظل الجسد حيا .
وأما الآيات أرقام ( 2 ، 3 ، 4 ) فنستخرج منها أن الروح خلق من خلق الله ، فقد تحددت فى سورة الإسراء بأنها من أمر الله ، وأمر الله واضح فى الآيات الأخرى ... أما نسبتها إلى الله " ... روح الله .... " ، فهو لفضلها ، كما يضيف سبحانه وتعالى المساجد إليه ، فيقول بيت الله ، وبيوت الله المساجد ، وعبد الله ، ورسول الله ، وناقة الله .
نخرج من هذا بالحقائق التالية :::
1 - الوفاة غير الموت
2 - النفس هى الروح والجسد مجتمعين
3 - توجد حياة بلا روح ... كالنوم ... والجنين فى بداية تكوينه حتى إلى أن تنفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر من التلقيح
4 - أن الروح مخلوقة من خلق الله سبحانه وتعالى
ما دفعنى لذكر هذه الأمور بالرغم من أن كثير منكم يعرفها ، ألا وهو أننى كثيرا ما أقابل بخلط كبير فى الفهم من كثير من الناس حينما نتطرق إلى مثل هذه الموضوعات ، فأردت قبل أن أصل إلى أرذل العمر ... والله أعلم متى ... أن أزيح من على كاهلى ما سيردده آخرون احتسابا للأجر عند الله .
وأحب أن أذكر هنا أن كلمة النفس ومشتقاتها وردت فى القرآن الكريم 298 مرة ، منها بعض المرات القلائل عن الله سبحانه وتعالى الذى ليس كمثله شئ " فمثلا ..... ويحذركم الله نفسه ...... " ، فلا أظن مطلقا بعد ورود هذا العدد أن يكون هناك غموض فى معنى النفس ... وهناك ثلاث آيات ... الأولى فى سورة الأنعام ( 93 ) .. والثانية فى سورة الأعراف ( 172 ) .. والثالثة فى سورة الفجر ( 27 ) ... وهى تحتاج منا إلى وقفات ، بعد أن حددنا معنى النفس من الكتاب والسنة ... وسأذكرها ... إن شاء الله بعد فترة وجيزة ... فراجعوها إلى أن نلتقى بإذن الله .
أما عن النفس المكلفة ، فهى هذه النفس السوية التى سواها الله سبحانه وتعالى جسدا ثم نفخ فيها الروح " فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين " ... فالطفل لم تكتمل تسويته ، فلا يكلف ، والضعيف والمريض والذى به عاهة ، فتسقط عنه بعض التكاليف بقدر النقص فى تسويته ، والمجنون لا يكلف لفقدانه للتسوية بصورة كاملة ... والنائم لا يكلف لفقدانه لروحه حين النوم .