عبدالرحمن&اميرالظلام مشرف
عدد المساهمات : 951 تاريخ التسجيل : 23/09/2011
| موضوع: لا مفرّ من الرجوع الجمعة مارس 02, 2012 3:05 pm | |
| <BLOCKQUOTE class="postcontent restore ">
لا مفرّ من الرجوع لقد كانت المحافظة على القيم الأخلاقية إلى عهد قريب هي السور المنيع الذي حمى الشام المباركة من كل المكاره والكوارث والغزاة، وأبقاها على مدى أربعة عشر قرناً محطّ أنظار العالم الباحث عن الحضارة الحقيقية لا المزيّفة، وجعل منها قبلة المتعطشين للمحبة والسلام والوئام، ودرة بلاد العالم بما اشتهرت به من بساطة العيش، ولين الطباع، ورقة المشاعر، ورهافة الإحساس، والتمسك بالمبادئ والمحافظة عليها، وعدم التساهل في أمرها مهما كانت المغريات. ومع دخول عصر العولمة والاتصالات، وشيوع فكر الاستهلاك وإمتاع الذات والأنا والانخلاع من كل القيود، نتيجة سيطرة الأنظمة العلمانية والفكر المادي على حساب القيم الإنسانية والدينية وعلى حساب حاجات الروح والمشاعر الوجدانية، إضافة لتحكم حكومات العالم -الاستبدادية والديمقراطية- بمصائر الشعوب، مستخدمة الضخّ الإعلامي المسيّس والممنهج بشكل كامل لمصلحتها ومصلحة أصحاب رؤوس الأموال، على حساب مصالح الشعوب والأوطان، كان أن تأثرت بلادنا كغيرها من بلدان العالم بهذا الشر المستطير الذي غزانا كسيل جارف، وكجيش عرمرم فاق كل الجيوش التي تجرأت وغزت بلادنا من قبل، فصادف هذا الغازي الجديد شعوباً متخلفة في كل النواحي، إضافة إلى بساطتها وعفويتها. وجد المصلحون أنفسهم وحيدين في مصارعة هذا الغازي ومقارعة هذا المستعمر، فبُحّت أصواتهم وهم يناشدون الحكام والمحكومين، وينصحون الرؤساء والمرؤوسين، يحثّونهم على الوقوف والنهوض بكل عزيمة وقوة وصدق للتصدي لهذا البلاء الوخيم بتدعيم المجتمع وإصلاح مؤسساته كلها وخاصة الإعلامية والتعليمية، والتركيز على احترام القيم الإنسانية والدينية التي تتميز بها بلادنا، بدل مجافاتها ووضع العراقيل والأفخاخ في طريقها. وكم أبدى المصلحون من كل التيارات المخلصة مخاوفهم من ارتدادات الحال التي وصل إليها ناسنا ومواطنونا ومؤسساتنا من تجاهل الدين فضلاً عن الاستهانة والاستهتار بقيم المجتمع، مما لم يكن معهوداً مثله من قبل، فقد تجاوزت استهانتهم بهذه القيم الإنسانية واستهتارهم بالمقدسات الدينية كل الحدود والخطوط الحمراء. حيث عمّ الظلم وغاب العدل، وانتشرت ثقافة الرشا والمحسوبية والفساد، ووسّد الأمر لغير أهله، فساد الوضيع والجاهل، وضيعت الأمانة، وشاع أكل الحقوق بين الناس والاعتداء على الحرمات، وفسدت الأخلاق، فقطّعت الأرحام وتهتكت أواصر القربى من أجل حطام الدنيا وأوساخها، وتمرد الأبناء على أهليهم، وكثرت الفواحش والموبقات، وعمت ألوان من الفسوق والمجون لم نكن نسمع بها من قبل ولا نتخيّل أن يكون بيننا من يأتيها أو يستسيغها مهما كانت ملّته أو دينه، ومهما كان أصله وفصله، فإذا بها تشيع وتعلن بلا استحياء بل بتحدّ وتباهٍ وجراءة، معاصي ومخازي يستحي المرء من نشرها ويعفّ اللسان عن ذكرها. لقد كانت ترد كثيراً من العلماء الكثير من الاستفتاءات الشرعية والاستشارات الاجتماعية بما يدلّ على شيوع هذه المنكرات والكبائر بشكل كبير، حتى في أوساط العائلات المعروفة بمحافظتها وتمسكها بأهداب الدين وقيم المجتمع، ولقد كانت ترد العلماء كثير من الحالات المشينة المخزية التي لم تمرّ عليهم في حياتهم الطويلة في التعليم والتوجيه، مما يدلّ على شناعة الحال وعمق الانحلال الذي وصل إليه المجتمع في بلادنا. حتى قامت لدى كثير منهم استناداً إلى -سنن الله في عباده المؤمنين- قناعة راسخة بأن عقاباً إلهياً عامّاً سيحلّ بهذه الأمة، وبأنّ بلاء ماحقاً لا يبقي ولا يذر سينزل بالعباد والبلاد (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء:16]. فانبرى –نتيجة لذلك ومنذ سنوات- كثير منهم للتحذير من كارثة محققة ستحلّ بالعباد، وبقارعة ستدع الديار بلاقع إن لم يتدارك الأمر بالتوبة والرجوع إلى الله وإصلاح النفس والمجتمع، (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل:112] وأوعدوا من ذلك وأرعدوا، من خلال الدروس والخطب والمحاضرات والمؤلفات، ولكن لا من مجيب ولا من مصيخ، بل كان الاستهزاء والسخرية أو الإعراض هو سيد الموقف، وقلّ من كان يعير تلك التحذيرات اهتماماً. ولما حانت ساعة الحساب طبقاً للقوانين الإلهية (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) [القصص:59]. بدأت نذر البلاء والعقاب تنزل بنا على أشكال مختلفة فحلّ بنا ما نراه من مآسي وويلات في طول البلاد وعرضها على مدى ما يقرب من إحدى عشر شهراً من الحراك الشعبي السلمي للمطالبة بالحريات والحقوق، هذا الحراك كان يفترض أن يقابل من المسؤوليين بالتفهم والإدراك لحاجات الناس ومدى الحيف الذي نزل بهم، ومن ثمّ الإسراع في حلّ مشكلاتهم وإيجاد وسائل سلمية حضارية لامتصاص الاحتقان وتحقيق المطالب بطريقة تحافظ على سلامة العباد والبلاد، ولكن بدلاً من ذلك قوبل بالحديد والنار وبالقوة والسلاح بطريقة لا إنسانية، وبعنف لم يسلم منه الحجر والشجر، مما أدى إلا تعثر كل الحلول الممكنة، وسدّ كل الطرق أمام كل عاقل للملمة الأوضاع وإصلاحها، مما ينذر باستمرار العذابات والآلام لفترة لا يعلم منتهاها إلا الله عز وجل، ولا مخرج من هذا الحال إلا بنظرة رحمة وعفو منه تعالى لهذه البلاد التي عانى أهلها الكثير في سبيل انتزاع حقوقهم ونيل حرياتهم، وهذه الرحمة المرجوة منه عز وجل وهذا العفو والصفح الإلهي الذي نتأمله من الرب الرحيم وننتظره، لا بد له من مقدمات وخطوات تبدأ بالتوبة الصادقة والرجوع إليه تعالى وإصلاح الحال معه عز وجلّ وعقد العزم على ترك كل ما نهى عنه، ثمّ رد المظالم إلى أهلها، والمداومة على الالتجاء لله تعالى بالدعاء والتضرع وتمريغ الوجوه بالسجود بين يديه وعلى أعتاب رحمته وفضله عسى أن يقبلنا ويعفو عنا فيكشف ما نزل بنا وييسر لنا الخلاص بأقرب الطرق وأقلّ الخسائر والتضحيات. (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا) [ الأنعام:43]. (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) [المؤمنون:76]. وإنّ ما نراه اليوم من رجوع أبناء الثورة السورية المباركة إلى الله عز وجلّ والتجائهم إليه وتعويلهم عليه، من خلال ما نسمع من شعاراتهم وما نقرأ من وصاياهم المؤثرة التي تدمي العين وتثير المشاعر الإيمانية والإنسانية النبيلة قبل خروجهم في المظاهرات السلمية، إضافة إلى هذه الدماء الزكية التي سكبت والتضحيات الجسيمة التي قدمت مطهرات لكل الآثام والمعاصي التي تمرغنا فيها على مدى السنين الماضية، وقرابين صدق وعربون وفاء لهذه التوبة الصادقة، إن كل ذلك يزرع فينا الأمل والثقة بأنّ الفرج قريب، وأن ساعة الخلاص قد أزفت.
</BLOCKQUOTE> | |
|
ملك الكون
عدد المساهمات : 4 تاريخ التسجيل : 29/02/2012
| موضوع: رد: لا مفرّ من الرجوع الجمعة مارس 02, 2012 4:14 pm | |
| | |
|
عبدالرحمن&اميرالظلام مشرف
عدد المساهمات : 951 تاريخ التسجيل : 23/09/2011
| موضوع: رد: لا مفرّ من الرجوع الجمعة مارس 02, 2012 8:23 pm | |
| وجزاك اخي ملك الكون اشكرك علي مرورك | |
|
اضواء الخير مشرفه عامه
عدد المساهمات : 2051 تاريخ التسجيل : 22/10/2011
| موضوع: رد: لا مفرّ من الرجوع الجمعة مارس 02, 2012 9:28 pm | |
| | |
|
عبدالرحمن&اميرالظلام مشرف
عدد المساهمات : 951 تاريخ التسجيل : 23/09/2011
| موضوع: رد: لا مفرّ من الرجوع الإثنين مارس 05, 2012 4:40 pm | |
| | |
|