بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
هذا مقال عن أصل الكون فى القرآن وهو يبحث فى أصل الكون الذى نعيش فيه من خلال نصوص القرآن :
أصل الكون :
إن أصل الكون أى السموات والأرض هو الماء فمن الماء تكونت الحياة على اختلاف أشكالها وأنواعها وقد أخبرنا الله بهذا فى عدة سور منها :
-سورة هود حيث يقول "وهو الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام وكان عرشه على الماء " ومعنى جملة "وكان عرشه على الماء"هو وكان ملكه وهو السموات والأرض مخلوقين من الماء.
-سورة الأنبياء حيث يقول "وجعلنا من الماء كل شىء حى "فأصل الأحياء – وللعلم فأحياء البرزخ هم أموات الدنيا- هو الماء .
-سورة النور حيث يقول "والله خلق كل دابة من ماء "فكل مخلوق أصله هو الماء ومن هنا نعلم الحقيقة التالية:
أن كل مخلوق فى الكون يتكون من أجزاء الماء بنسب معينة تختلف من نوع إلى أخر ومن ثم فتفسير اختلاف المخلوقات هو اختلاف نسب أجزاء أى مكونات الماء فيها وطبعا تم خلق الماء عن طريق كلمة كن مصداق لقوله بسورة مريم "سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ".
خطوات خلق الكون :
خلق الله السموات والأرض على خطوات تتمثل فى التالى :
1-خلق الرتق وهو أصل الكون الممثل فى الماء .
2-فتق الرتق والمراد فصل الماء لقسمين هما السموات والأرض وفى هذا قال بسورة الأنبياء "أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما"وقد استغرق خلق السموات والأرض يومين مصداق لقوله بسورة فصلت "قل إأنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين "و"فقضاهن سبع سموات فى يومين "وقد تم خلق السموات والأرض فى وقت واحد بدليل أن الله قدم مرة خلق السماء على الأرض فى الحديث فقال بسورة النازعات "أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها "وجملة "والأرض بعد ذلك دحاها "تعنى والأرض مع السماء خلقها ومرة قدم خلق الأرض على السماء فى الحديث فقال بسورة فصلت "قل إأنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوفها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات فى يومين "
3-تقدير أقوات الخلق فى الأرض استغرق التقدير أربعة أيام لقوله بسورة فصلت "وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين ".
الوقت المستغرق فى خلق الكون :
استغرقت عملية خلق الكون وقت قدره ستة أيام وفى هذا قال بسورة يونس "إن ربكم الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام "وللتوضيح نقول أن الله خلق الأرض فى يومين وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت "قل إأنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين "وفى نفس اليومين خلق السموات وفى هذا قال بنفس الآية "فقضاهن سبع سموات فى يومين "وعلى هذا فإن خلق السموات والأرض استغرق يومين من الستة وأما أقوات المخلوقات فقد استغرق تقديرها أربعة أيام مصداق لقوله بسورة فصلت "وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "والستة أيام إلهية أى بحساب البشر 6000 عام لأن اليوم الإلهى يساوى1000 عام من أعوام البشر مصداق لقوله بسورة الحج"وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ".
سبب خلق الكون :
إن سبب خلق الكون هو إبتلاء الخلق - والمراد الإنس والجن -أيهم أحسن عملا وفى هذا قال تعالى بسورة هود"وهو الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا "وقال بسورة الملك "الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا "ومن ثم فالكون ليس مخلوقا للعب وإنما من أجل الحق وفى هذا قال تعالى بسورة الدخان "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ".
الكون والزمان :
بدأ الزمان مع الكون بمعنى أن بداية التوقيت كانت مع بداية خلق المكان الممثل فى السموات والأرض ،إذا فالزمان استهل عهده باستهلال المكان عمله والزمان هو التغيرات الحادثة التى تقاس بعدد بالساعات والأيام والشهور والسنوات وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض ".
تقسيم الكون :
قسم الله الكون لأربعة أجزاء هى السموات والأرض والجو بينهما والذى تحت الثرى وفى هذا قال بسورة طه" له ما فى السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى " كما قسمه لعالمين الأول الغيب وهو كل ما لا ندرى به والثانى الشهادة وهو ما ندرى به فى حياتنا الدنيا وفى هذا قال بسورة الحشر "عالم الغيب والشهادة ".
مركز الكون :
مركز الكون هو الأرض بدليل ما يلى :
-أن السماء مبنية فوق الأرض مصداق لقوله بسورة النبأ "وبنينا فوقكم سبعا شدادا "ومن المعلوم أن المبنى فوقه يكون هو الأساس أى المركز وعليه فالأرض هى المركز لأن البناء فوقها .
-قال تعالى بسورة النازعات "يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة "والراجفة هى المزلزلة أى المهتزة والذى ذكر فى القرآن هو أن الأرض هى المزلزلة وفى هذا قال تعالى بسورة الزلزلة "إذا زلزلت الأرض زلزالها "وقال بسورة المزمل "يوم ترجف الأرض والجبال "والرادفة تعنى التابعة أى التالية وهى السماء ومن ثم فالأرض هو المتبوعة أى المركز والسماء هى التابعة .
-سمى الله الأرض فى القرآن المقر والمستقر والقرار وكلها كلمات تعنى المركز وسمى السماء البناء ومن هذا قال تعالى بسورة غافر "الله الذى جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء ".
كروية الكون :
إن الكون كروى الشكل بمعنى أن طوله مثل عرضه والأدلة هى :
-قوله بسورة آل عمران "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين "وقوله بسورة الحديد "وسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض "فجملة "وجنة عرضها السموات والأرض "وجملة "وجنة عرضها كعرض السماء والأرض "تدلنا على أن الكون كروى لأن الله ذكر العرض وحده ولم يذكر الطول على أساس أن مقدارهما واحد وليس هناك شكل طوله كعرضه من كل الجوانب من مركزه سوى الكرة .
-أن مركز الكون وهو الأرض كروى منقوص الأطراف من كل جانب ومن ثم فالتابع وهو السماء مثلها وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد "أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها ".
حديث القرآن عن السموات :
خلق السموات :
خلق الله السموات فى البداية سماء واحدة ثم جعلها بعد رفع سمكها أى بعد زيادة حجمها وهو امتدادها سبع سموات طباقا متتالية وقد تم هذا فى يومين وجعل الله لكل سماء من السبعة أمرها أى مهمتها أى وظيفتها التى تقوم بها إلى أن يأتى أجلها وفى هذا قال بسورة فصلت "فقضاهن سبع سموات فى يومين وأوحى فى كل سماء أمرها "وكانت السماء المنضغطة الأولى عبارة عن دخان أى بخار متصاعد وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت "ثم استوى إلى السماء وهى دخان ".
أبواب السموات :
إن السماء لها أبواب بدليل قوله تعالى بسورة الحجر "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون "وقوله بسورة ق"أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج "أى جملة "وما لها من فروج "أى ليس لها من منافذ مفتوحة وأبواب السماء أى أقطار السموات تفتح للإنس والجن بسلطان أى بعلمهم الذى هو عبارة عن مخترعات تسير بهم عبر الأبواب ولكن نتيجة السير هى الهلاك بشواظ من النار والنحاس وفى هذا قال بسورة الرحمن "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأى ألاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران "وأما أمر الله فينزل ويصعد من السماء إلى الأرض من خلال الأبواب فى يوم مقداره ألف سنة مصداق لقوله تعالى بسورة السجدة "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ".
الصعود إلى السماء :
إن الصعود وهو العروج للسموات العلا أمر أباحه الله لأمره الذى ينزله من السماء ثم يصعد مرة أخرى من الأرض للسماء مصداق لقوله بسورة السجدة "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون "وكان قبل بعثة محمد(ص)قد أباح للجن الصعود للسماء الدنيا ليجلسوا منها مجالس للسمع والمراد سماع أخبار الغيب دون عقاب على الجلوس ولكنه بعد بعث محمد(ص)جعل لكل من يحاول الاستماع لأخبار الغيب عقاب هو أن يرسل خلفه شهاب يحرقه وفى هذا قال تعالى على لسان الجن بسورة الجن "وإنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا "وقد بين الله لنا أن الإنسان لو صعد للسماء سيحدث له ضيق شديد فى الصدر بسبب عدم وجود المادة التى تساعد على التنفس الهادىء وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء "وأما لو سمح الله للإنسان بالصعود للسماء فإن صدره لا يتضايق ويصعد ويفتح له باب يظل سائرا منه مبهورا متعجبا مما يرى حتى يقول :لقد سكر بصرى بل أنا رجل سحرنى السحرة وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون "والحرف لو فى أول الآيات يفيد أن الإرادة الإلهية ممتنعة عن إحداث ما فى الآيات وأما إذا اخترع الإنسان وسيلة للصعود للسماء وعبر من أبواب السماء فإنه يعاقب بالهلاك عن طريق قذفه بالنار والنحاس وفى هذا قال تعالى بسورة الرحمن "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأى آلاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ".
السماء الدنيا :
هى أقرب سماء للأرض وقد زينها بالكواكب وجعل لها فروج أى أبواب مقفلة لا تفتح إلا لما يريد الله وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت "وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا "وفى السماء الدنيا توجد النجوم والشمس والقمر والشهب وسنتحدث عن هذه المخلوقات بالتفصيل فى هذا المقام :
1-الشمس :هى نجم يشع الضياء فيبعث فى الأرض الدفء والنور وفى هذا قال تعالى بسورة يونس "وهو الذى جعل الشمس ضياء "وهى عبارة عن سراج أى مصباح به وقود خفى يشتعل فى الظاهر ليشع الضياء وفى هذا قال تعالى بسورة نوح"وجعل الشمس سراجا "والشمس تدور فوق الأرض بحساب قدره الله حتى لا تصطدم بالقمر وفى هذا قال تعالى بسورة الرحمن "والشمس والقمر بحسبان "والشمس تسبح أى تدور فى فلك أى مدار أى خط سير معين وفى هذا قال تعالى بسورة يس "لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون ".
2- القمر وهو مصباح منير يشع نور فى ليل الأرض وفى هذا قال تعالى بسورة نوح"وجعل القمر فيهن نورا "وقد جعل الله للقمر منازل أى وجوه مختلفة تتغير بتغير موضعه فى السماء والسبب فى تغيير المواضع والوجوه هو أن يعلم الناس عدد السنين والحساب وفى هذا قال تعالى بسورة يونس "والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب "والقمر يدور فوق الأرض كالشمس وذلك حسب تقدير للسرعة قدره الله حتى لا يصطدم بالشمس وفى هذا قال تعالى بسورة يس"لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار "والقمر يسبح أى يدور فى السماء فى فلك أى مسار معين لا يخرج عنه مصداق لقوله تعالى بسورة يس"لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون "والقمر جعل الله دورانه هو مقياس الشهر وجعل كل سنة له إثنا عشر دورة أى شهرا منها أربعة أشهر حرام وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم "وقد سمى الله القمر فى بداية الشهر هلال ومن الأهلة يعرف الناس مواعيدهم وموعد الحج وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج ".
3-النجوم هى مصابيح معلقة فى السماء الدنيا لقوله تعالى بسورة فصلت "وزينا السماء الدنيا بمصابيح "وسماها الله أيضا بروجا فقال بسورة الحجر "ولقد جعلنا فى السماء بروجا وزيناها للناظرين "كما سماها كواكب فى قوله بسورة الصافات "إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب "والنجوم أى الكواكب أى المصابيح أى البروج لا توجد فى غير السماء الدنيا كما تدل الآيات السابقة وأما وظائف النجوم فهى هداية الناس فى ظلمات البر والبحر حيث تعرفهم طرق سيرهم وفى هذا قال بسورة الأنعام "وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر "وتزيين السماء الدنيا للناظرين مصداق لقوله بسورة الحجر"ولقد جعلنا فى السماء بروجا وزيناها للناظرين "وإخراج الشهب الحارقة لمن يريد سماع أخبار الغيب لإهلاكه وفى هذا قال تعالى بسورة الملك "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناهم رجوما للشياطين "فهنا نسب الإهلاك للمصابيح وهى النجوم ونسبه للشهب وهى جزء من النجوم فى قوله تعالى بسورة الحجر "وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين "وللنجوم مواقع أى مواضع أى مدارات تسير فيها وفى هذا قال تعالى بسورة الواقعة "فلا أقسم بمواقع النجوم "وكل نجم يستمد وقوده من شجرة زيتون فى وسطه تماما فلا هى تميل شرقا أو غربا وهذا الوقود أى الزيت يكاد يضىء بدون نار ولكن الله يجعله ينير ويشع الضوء بالنار وفى هذا قال تعالى بسورة النور "كأنها كوكب درى يوقد من شجرة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار "والنجوم فى دورانها فوق الأرض تجرى فى خطوط سير محددة وهى فى هذا الجريان تخنس أى تختفى وتظهر وهى تكنس أى تدور دون عائق يمنعها وفى هذا قال تعالى بسورة التكوير "فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس "وقد سمى الله كل نجم طارق وهو يظهر كالثقب فى الظلام منيرا وفى هذا قال بسورة الطارق "والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب "وقد سمى الله لنا نجما باسم الشعرى بقوله بسورة النجم "وأنه هو رب الشعرى "وقد جعل الله لكل نجم أجل مسمى أى عمر محدد ومنها الشمس والقمر فقال بسورة الزمر "وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى "
4-الشهب وهى ألسنة نارية تخرج من النجوم لتهلك الكافر الذى يريد سماع أخبار الغيب بالصعود للسماء وفى هذا قال تعالى بسورة الملك "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين "ونسب الله الإهلاك للشهاب فقال بسورة الحجر "وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ".
5- السقف المحفوظ :تمثل السماء سقفا محفوظا أى ثابتا لا يقع على الأرض لأن الله رفعه على عمد غير مرئية وفى هذا قال بسورة الأنبياء "وجعلنا السماء سقفا مرفوعا "وقال بسورة الرعد"الله الذى رفع السموات بغير عمد ترونها "وهذا السقف مهمته ألا تقع السماء على الأرض ومن ثم فالكون بيت مكون من الأساس وهو الأرض والأعمدة غير المرئية هى الميزان والسقف المرفوع على الأعمدة هو السماء الدنيا والبناء هو طوابق السماء السبع .
6- اليوم السماوى :لا يوجد فى السماء يوم لعدم وجود ليل ونهار فيها ومن ثم فاليوم السماوى يقاس باليوم الأرضى وسرعة الصعود للسماء تختلف من أمر لأخر فمثلا صعود الأمر الإلهى من الأرض للسماء وقبل ذلك نزوله يستغرق ألف سنة مصداق لقوله بسورة السجدة "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون "ومثلا سرعة صعود الملائكة يوم القيامة تختلف لأن مقدار اليوم خمسين ألف سنة مصداق لقوله بسورة المعارج"تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " .
حديث القرآن عن الأرض :
كروية الأرض :
إن الأرض كروية الشكل والكرة كما هو معروف منقوصة الأطراف وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد "أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها "ومن الأدلة على كروية الأرض أنها ممتدة فهى ليست مستقيمة وإنما كروية تعيد الإنسان إلى نفس الأماكن التى بدأ منها وفى هذا قال بسورة ق"والأرض مددناها "وفى كونها كرة هى والسماء قال تعالى بسورة الزمر "خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل "كما قال بسورة النازعات "والأرض بعد ذلك دحاها "ودحاها تعنى كورها أى دورها ونعنى بكونها كرة أنها من على السطح دائرة ومن أسفل هذا السطح نصف كرة كالطبق .
مركز الأرض :
مركز الأرض هو مكة المكرمة ونقطة الخلق هى الكعبة بدليل ما يلى :
أن الله سماها أم القرى أى أصل البلاد فى قوله بسورة القرى "لتنذر أم القرى ".
أن الله جعل البلاد من حولها مما يدل على أنها المركز لكل البلاد فقال بسورة الشورى "لتنذر أم القرى ومن حولها ".
أن أول مسجد وضع للناس فى الأرض هو مسجد مكة مما يدل على أنها أصل البلاد وأول مكان عاش فيه الإنسان –أى أدم(ص)- وفيها قال تعالى بسورة آل عمران "إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا"
أن الكعبة فى مكة هى قبلة المسلمين فى الأرض مما يدل على أن الاتجاهات كلها تتقابل فى الكعبة التى هى سرة الكون ومن ثم فمكة هى مركز الأرض المكانى والزمانى وعلى المسلمين عمل الخرائط على أساس مركزية مكة للأرض وجعلها مركز التوقيت الدولى.
تقسيم الأرض :
قسم الله الأرض لسبع طبقات متتالية مثل السموات وفى هذا قال تعالى بسورة الطلاق "الله الذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن "كما قسمها من السطح لقطع متجاورات أى قارات متجاورة وكل قارة مقسمة لتضاريس متجاورة جبال ووديان وسهول وغير ذلك وحتى الوديان مقسمة لقطع متجاورة فمنها مثلا المزورع بالعنب ومنها المزروع بالنخل وغير ذلك والجبال مقسمة لقطع متجاورة فمنها الأجرد ومنها ما فيه غابات ومنها ما تغطيه الثلوج ومنها ألوان تجاور بعضها فى الصخور وهذا يعنى أن التجاور فى الأرض شىء لابد منه وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد "وفى الأرض قطع متجاورات ".
أقوات الأرض :
إن الله قدر أقوات وهى أرزاق مخلوقات الأرض من طعام وشراب وكساء وغيره فى أربعة أيام وجعلها تكفى الكل بالتساوى بين السائلين وهم المخلوقات وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت "وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "ومن ثم فإن الأرض تتسع لأى عدد من البشر ومن المخلوقات دون أن تحدث مجاعات أو سوء تغذية ولكن الحادث هو حدوث المجاعات لأن هناك كفر أى فساد يعمله الناس بأنفسهم حيث يستأثر الأغنياء والأقوياء بمعظم أقوات البشر ومن ثم فإن الضعفاء يموتون جوعا لأن نصيبهم الذى أعطاه الله لهم وهو نصيب واحد لكل فرد يساوى نصيب أى فرد لا يصل إليهم وفى هذا قال تعالى بسورة الروم "ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا "ولو كان الرزق لا يكفينا ما حرم الله علينا قتل أولادنا خوفا عليهم من الجوع وفى هذا قال بسورة الإسراء "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياهم "فالله جعل لكل مخلوق رزق فقال بسورة هود"وما من دابة إلا على الله رزقها ".
الأرض مقر البشرية :
إن الأرض هى مقر البشر من بداية البشرية حتى يوم القيامة لأن الله خلقها لهم فقال بسورة الرحمن "والأرض وضعها للأنام "وقد جعلهم الله يخلفون بعضهم أى يأتى جيل وراء جيل فى الأرض فقال بسورة الأنعام "وهو الذى جعلكم خلائف الأرض "وقد شاع بين البشر وهم أن بعضهم سيترك الأرض للعيش فى السماء فى القمر وغيره وهو تخريف لأن طعام البشر لا يوجد سوى فى الأرض بدليل قوله بسورة البقرة "يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض حلالا طيبا "وقال بسورة فصلت "وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "ولا يستطيع الناس الحياة دون طعام ،زد على هذا أن العيش فى السماء يحتاج إلى هواء لا يتواجد سوى فى الأرض ومن ثم سيموتون من ضيق صدرهم القفصى عند صعودهم للسماء وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء "وحتى لو صنع مستعمرات فضائية فإنه سيحتاج لطعام وماء وهواء من الأرض وهذا يكلفه ما لا يطيق ومن ثم فلن يقدر على الكلفة ولا على الحياة طوال العمر لأن معيشته فى الفضاء سجن لا يقدر على الخروج منه إلا إلى الأرض ليعيش لأنه لو خرج منها سيهلك بسبب ما فى الفضاء من إشعاع ومضار أخرى وهذا فرض غير متحقق لأن الله سيهلكهم بالنار والنحاس .
الأرض كفات :
جعل الله الأرض كفات أى مجتمع يعيش فيه الأحياء والأموات معا فهؤلاء فى عالم نسميه الدنيا أو عالم الشهادة وأولئك فى عالم الغيب وفى هذا قال تعالى بسورة المرسلات "ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا".
وقد فصل الله بين عالم الأحياء وعالم الأموات فصلا تاما فلا اتصال بينهما مع أنهما فى مكان واحد ولا يحس أحد من هذا العالم بأحد من العالم الأخر حتى ولو اصطدم به وفى هذا قال بسورة آل عمران "وتخرج الحى من الميت وتخرج الميت من الحى "أى تفصل العائش عن الفانى وتفصل الفانى عن العائش وقال بسورة مريم "هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا "فالحى فى الدنيا لا يحس بالموتى ولا يسمع لهم صوتا .
ثبات الأرض فى مكانها :
جعل الله الأرض ثابتة فى مكانها والسبب هو الأثقال الموجودة فى داخلها وفى هذا قال بسورة الزلزلة "إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها "والأثقال يقصد بها أشياء عدة منها الجامد كالجبال التى تتركها يوم القيامة وتسير فى الجو كما قال تعالى بسورة التكوير "وإذا الجبال سيرت "ومنها السائل كالبحار التى تتركها كما قال بنفس السورة "وإذا البحار سجرت "
وإلقاء الله للرواسى وهى الجبال فى الأرض سببه هو ألا تميد أى ألا تتحرك الأرض وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا ".
الفساد فى الأرض :
يقصد به تخريب الصالح فيها أيا كان نوعه وللفساد علامات تظهر فى البر والبحر وسبب حدوث الفساد هو ما كسبته أيدى الناس والمراد ما عملته نفوس البشر من الذنوب ومن أجل هذا يذيق الله الناس عقاب بعض ما فعلوه من الذنوب وفى هذا قال بسورة الروم "ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا "وإصلاح الفساد يكون بالإيمان والتقوى الصادرة من أهل القرى فإن فعلوا حلت بهم خيرات من السماء والأرض ثوابا لهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "لو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ".
حياة الأرض وموتها :
إن الله يميت الأرض عندما يمنع عنها الماء فإذا أراد أن يحييها أرسل لها الماء فتهتز وتربو علامة على عودة الحياة لها وقدرتها على الإخضرار أى الحياة وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت "ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذى أحياها لمحى الموتى "وقال بسورة الحج "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ".