منتديات منبرالاسلام
نتشرف بوجودكم معنا بالمنتدى وأسعدنا خبر انضمامكم إلى اسرتنا المتواضعه نأمل من الله أن تنشروا ابداعاتكم في هذا المنتدى فأهـــــــــلاً وسهـــــــــــــــلاً بكم
منتديات منبرالاسلام
نتشرف بوجودكم معنا بالمنتدى وأسعدنا خبر انضمامكم إلى اسرتنا المتواضعه نأمل من الله أن تنشروا ابداعاتكم في هذا المنتدى فأهـــــــــلاً وسهـــــــــــــــلاً بكم
منتديات منبرالاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات منبرالاسلام

منبر الاسلام لكل شىء نافع ومفيد من اجل الاسلام والمسلمين
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول
تنويه
 لقد تم انشاء منتدى جديد افضل ومدفوع اتمنى من كل الاعضاء التسجيل فيه المنتدى انشاء من اجلكم ولكم اتمنى التفاعل والاهتمام واليكم الربط:http://www.amalalomah.com/vb/index.php

 

 تفسير سورة يونس

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
علاء حسن
المديرين
المديرين
علاء حسن


تفسير سورة يونس Jb12915568671
عدد المساهمات : 185
تاريخ التسجيل : 01/09/2011
العمر : 38
الموقع : https://manbr.forumegypt.net/

تفسير سورة يونس Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة يونس   تفسير سورة يونس Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 21, 2011 6:00 pm

الميزان في تفسير القرآن

سورة يونس

1 - 10

[[size=24]size=24][b]الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ (2) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (3) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ (4) هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6) إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (Cool إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[/size](10)[/size] [/b]


[size=24]بيان

السورة - كما يلوح من آياتها - مكية من السور النازلة في أوائل البعثة و قد نزلت دفعة للاتصال الظاهر بين كرائم آياتها، و قد استثنى بعضهم قوله تعالى: «فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك» إلى تمام ثلاث آيات فذكر أنها مدنية، و بعضهم قوله تعالى: «و منهم من يؤمن به و منهم من لا يؤمن به و ربك أعلم بالمفسدين» فذكر أنها نزلت في اليهود بالمدينة، و لا دليل من جهة اللفظ على شيء من القولين.

و غرض السورة و هو الذي أنزلت لأجل بيانه هو تأكيد القول في التوحيد من طريق الإنذار و التبشير كأنها أنزلت عقيب إنكار المشركين الوحي النازل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و تسميتهم القرآن بالسحر فرد الله سبحانه ذلك عليهم ببيان أن القرآن كتاب سماوي نازل بعلمه تعالى، و أن الذي يتضمنه من معارف التوحيد كوحدانيته تعالى و علمه و قدرته و انتهاء الخلقة إليه و عجائب سننه في خلقه و رجوعهم جميعا إليه بأعمالهم التي سيجزون بها خيرا أو شرا كل ذلك مما تدل عليه آيات السماء و الأرض و يهتدي إليه العقل السليم فهي معان حقة و لا يدل على مثلها إلا كلام حكيم لا سحر مزوق باطل.

و الدليل على ما ذكرنا افتتاح السورة بالكلام على تكذيبهم القرآن: «أ كان للناس عجبا أن أوحينا - إلى قوله - قال الكافرون إن هذا لساحر مبين» و اختتامها بمثل قوله: «و اتبع ما يوحى إليك و اصبر» الآية ثم عوده تعالى إلى مسألة الإيحاء بالقرآن و تكذيبهم له في تضاعيف الآيات مرة بعد مرة كقوله: «و إذا تتلى عليهم آياتنا الآية و قوله: «و ما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله» الآية، و قوله: «يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة» الآية، و قوله: «فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك» الآية.

فتكرر هذه الآيات و الافتتاح و الاختتام بها يدل على أن الكلام مبني على تعقيب إنكارهم لكلام الله و تكذيبهم الوحي و لذلك كان من عمدة الكلام في هذه السورة الوعيد على مكذبي آيات الله من هذه الأمة بعذاب يقضي بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و بينهم و أن ذلك من سنة الله في خلقه، و على تعقيبه تختتم السورة حتى كاد يكون بيان هذه الحقيقة من مختصات هذه السورة فمن الحري أن تعرف السورة بأنها سورة الإنذار بالقضاء العدل بين النبي و بين أمته و قد اختتمت بقوله: «و اصبر حتى يحكم الله و هو خير الحاكمين».

قوله تعالى: «الر تلك آيات الكتاب الحكيم» الإشارة باللفظ الدال على البعد للدلالة على ارتفاع مكانة القرآن و علو مقامه فإنه كلام الله النازل من عنده و هو العلي الأعلى رفيع الدرجات ذو العرش.

و الآية - و معناها العلامة - و إن كان من الجائز أن يسمى بها ما هو من قبيل المعاني أو الأعيان الخارجية كما في قوله: «أ و لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل:» الشعراء - 197 و في قوله: «و جعلناها و ابنها آية للعالمين»: الأنبياء - 91 و كذا ما هو من قبيل القول كما في قوله ظاهرا: «و إذا بدلنا آية مكان آية»: النحل: - 101 و نحو ذلك لكن المراد بالآيات هاهنا هي أجزاء الكلام الإلهي قطعا فإن الكلام في الوحي النازل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو كلام متلو مقرو بأي معنى من المعاني صورنا نزول الوحي.

فالمراد بالآيات أجزاء الكتاب الإلهي و تتعين في الجملة من جهة المقاطع التي تفصل الآيات بعضها من بعض مع إعانة ما من ذوق التفاهم و لذلك ربما وقع الخلاف في عدد آيات بعض السور بين علماء الإحصاء كالكوفيين و البصريين و غيرهم.

و المراد بالكتاب الحكيم هو الكتاب الذي استقرت فيه الحكمة، و ربما قيل: إن الحكيم من الفعيل بمعنى المفعول و المراد به المحكم غير القابل للانثلام و الفساد، و الكتاب الذي هذا شأنه - و قد وصفه تعالى في الآية التالية بأنه من الوحي - هو القرآن المنزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

و ربما قيل: إن الكتاب الحكيم هو اللوح المحفوظ، و كون الآيات آياته هو أنها نزلت منه و هي محفوظة فيه، و هو و إن لم يخل عن وجه بالنظر إلى أمثال قوله تعالى: «بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ:» البروج: - 22 و قوله: «إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون:» الواقعة - 78 لكن الأظهر من الآية التي نحن فيها و سائر ما في سياقها من آيات أوائل هذه السور المفتتحة بالحروف «الر» و سائر الآيات المشابهة لها أو الناظرة إلى وصف القرآن أن المراد بالكتاب و بآياته هو هذا القرآن المتلو المقرو و آياته المتلوة المقروة بما أنه من اللوح المحفوظ من التغيير و البطلان كالكتاب المأخوذ بوجه من الكتاب كما يستفاد من مثل قوله تعالى: «تلك آيات الكتاب و قرآن مبين:» الحجر - 1، و قوله: «كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير:» هود: - 1، و غير ذلك.

قوله تعالى: «أ كان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم» إلى آخر الآية الاستفهام للإنكار فهو إنكار لتعجبهم من إيحاء الله إلى رجل منهم ما اشتملت عليه الدعوة القرآنية.

و قوله: «أن أنذر الناس» إلخ تفسير لما أوحاه إليه، و يتبين به أن الذي ألقاه إليه من الوحي هو بالنسبة إلى عامة الناس إنذار و بالنسبة إلى الذين آمنوا منهم خاصة تبشير فهو لا محالة يضر الناس على بعض التقادير و هو تقدير الكفر و العصيان و ينفعهم على تقدير الإيمان و الطاعة.

و قد فسر البشرى الذي أمره أن يبشر به المؤمنين بقوله: «إن لهم قدم صدق عند ربهم» و المراد بقدم الصدق هو المنزلة الصادقة كما يشير إليه قوله: [color=red]«في or=red]]مقعد صدق عند مليك مقتدر: القمر - 55 فإن الإيمان لما استتبع الزلفى و المنزلة عند الله كان الصدق في الإيمان يستتبع الصدق في المنزلة التي يستتبعها فلهم منزلة الصدق كما أن لهم إيمان الصدق.

فإطلاق القدم على المنزلة و المكانة من الكناية و لما كان إشغال المكان عادة إنما هو بالقدم استعملت القدم في المكان إن كان في الماديات، و في المكانة و المنزلة إن كان في المعنويات ثم أضيفت القدم إلى الصدق، و هو صدق صاحب القدم في شأنه أي قدم منسوبة إلى صدق صاحبها أو قدم هي صادقة لصدق صاحبها في شأنه.

و هناك معنى آخر و هو أن يراد بالصدق طبيعته كأن للصدق قدما و للكذب قدما و قدم الصدق هي التي تثبت و لا تزول.

و قوله: «قال الكافرون إن هذا لساحر مبين» أي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و قرىء: «إن هذا لسحر مبين» أي القرآن و مآل القراءتين واحد فإنهم إنما كانوا يرمونه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسحر من جهة القرآن الكريم.

و الجملة كالتعليل لقوله: «كان للناس عجبا» يمثل به معنى تعجبهم و هو أنهم لما سمعوا ما تلاه عليهم من القرآن وجدوه كلاما من غير نوع كلامهم خارقا للعادة المألوفة في سنخ الكلام يأخذ بمجامع القلوب و تتوله إليه النفوس فقالوا: إنه لسحر مبين، و إن الجائي به لساحر مبين.

قوله تعالى: «إن ربكم الله الذي خلق السموات و الأرض في ستة أيام» لما ذكر في الآية السابقة عجبهم من نزول الوحي و هو القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و تكذيبهم له برميه بالسحر شرع تعالى في بيان ما كذبوا به من الجهتين أعني من جهة أن ما كذبوا به من المعارف المشتمل عليها القرآن حق لا ريب فيه و من جهة أن القرآن الذي رموه بالسحر كتاب إلهي حق و ليس من السحر الباطل في شيء.

فقوله: «إن ربكم الله» إلخ، شروع في بيان الجهة الأولى و هي أن ما يدعوكم إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما يعلمكم القرآن حق لا ريب فيه و يجب عليكم أن تتبعوه.

و المعنى: أن ربكم معاشر الناس هو الله الذي خلق هذا العالم المشهود كله سماواته و أرضه في ستة أيام ثم استوى على عرش قدرته و قام مقام التدبير الذي إليه ينتهي كل تدبير و إدارة فشرع يدبر أمر العالم، و إذا انتهى إليه كل تدبير من دون الاستعانة بمعين أو الاعتضاد بأعضاد لم يكن لشيء من الأشياء أن يتوسط في تدبير أمر من الأمور - و هو الشفاعة - إلا من بعد إذنه تعالى فهو سبحانه هو السبب الأصلي الذي لا سبب بالأصالة دونه، و من دونه من الأسباب أسباب بتسبيبه و شفعاء من بعد إذنه.

و إذا كان كذلك كان الله تعالى هو ربكم الذي يدبر أمركم لا غيره مما اتخذتموها أربابا من دون الله و شفعاء عنده و هو المراد بقوله: «ذلكم الله ربكم فاعبدوه أ فلا تذكرون» أي هلا انتقلتم انتقالا فكريا إلى ما يستنير به أن الله هو ربكم لا رب غيره بالتأمل في معنى الألوهية و الخلقة و التدبير.

و قد تقدم الكلام في معنى العرش و الشفاعة و الإذن و غير ذلك في ذيل قوله: «إن ربكم الله:» الأعراف: - 54 في الجزء الثامن من الكتاب.

قوله تعالى: «إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا» تذكير بالمعاد بعد التذكير بالمبدإ، و قوله :«وعد الله حقا» من قيام المفعول المطلق مقام فعله و المعنى: وعده الله وعدا حقا.

و الحق هو الخبر الذي له أصل في الواقع يطابق الخبر فكون وعده تعالى بالمعاد حقا معناه كون الخلقة الإلهية بنحو لا تتم خلقة إلا برجوع الأشياء - و من جملتها الإنسان - إليه تعالى و ذلك كالحجر الهابط من السماء فإنه يعد بحركته السقوط على الأرض فإن حركته سنخ أمر لا يتم إلا بالاقتراب التدريجي من الأرض و السقوط و الاستقرار عليها، و الأشياء على حال كدح إلى ربها حتى تلاقيه، قال تعالى: «يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه:» الانشقاق: - 6 فافهم ذلك.

قوله تعالى: «إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا و عملوا الصالحات بالقسط» إلخ تأكيد لقوله: «إليه مرجعكم جميعا» و تفصيل لإجمال ما يتضمنه من معنى الرجوع و المعاد.

و يمكن أن يكون في مقام التعليل لما تقدمه من قوله: «إليه مرجعكم إلخ أشير به إلى حجتين من الحجج المستعملة في القرآن لإثبات المعاد: أما قوله: «إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده» فلأن الجاري من سنة الله سبحانه أنه يفيض الوجود على ما يخلقه من شيء و يمده من رحمته بما تتم له به الخلقة فيوجد و يعيش و يتنعم برحمة منه تعالى ما دام موجودا حتى ينتهي إلى أجل معدود.

و ليس انتهاؤه إلى أجله المعدود المضروب له فناء منه و بطلانا للرحمة الإلهية التي كان بها وجوده و بقاؤه و سائر ما يلحق بذلك من حياة و قدرة و علم و نحو ذلك بل بقبضه تعالى ما بسطه عليه من الرحمة فإن ما أفاضه الله عليه من عنده هو وجهه تعالى و لن يهلك وجهه.

فنفاد وجود الأشياء و انتهائها إلى أجلها ليس فناء منها و بطلانا لها على ما نتوهمه بل رجوعا و عودا منها إلى عنده و قد كانت نزلت من عنده، و ما عند الله باق فلم يكن إلا بسطا ثم قبضا فالله سبحانه يبدأ الأشياء ببسط الرحمة و يعيدها إليه بقبضها و هو المعاد الموعود.

و أما قوله: «ليجزي الذين آمنوا و عملوا الصالحات بالقسط» إلخ فإن الحجة فيه أن العدل و القسط الإلهي - و هو من صفات فعله - يأبى أن يستوي عنده من خضع له بالإيمان به و عمل صالحا و من استكبر عليه و كفر به و بآياته، و الطائفتان لا يحس بينهما بفرق في الدنيا فإنما السيطرة فيها للأسباب الكونية بحسب ما تنفع و تضر بإذن الله.

فلا يبقى إلا أن يفرق الله بينهما بعدله بعد إرجاعهما إليه فيجزي المؤمنين المحسنين جزاء حسنا و الكفار المسيئين جزاء سيئا من جهة ما يتلذذون به أو يتألمون.

فالحجة معتمدة على تمايز الفريقين بالإيمان و العمل الصالح و بالكفر و على قوله: «بالقسط هذا، و قوله: «ليجزي» متعلق بقوله: «إليه مرجعكم جميعا» على ظاهر التقرير.

و يمكن أن يكون قوله: «ليجزي» إلخ متعلقا بقوله: «ثم يعيده» و يكون الكلام مسوقا للتعليل و إشارة إلى حجة واحدة و هي الحجة الثانية المذكورة، و الأقرب من جهة اللفظ هو الأخير.

قوله تعالى: «هو الذي جعل الشمس ضياء و القمر نورا» إلى آخر الآية، الضياء - على ما قيل - مصدر ضاء يضوء ضوء و ضياء كعاذ يعوذ عوذا و عواذا، و ربما كان جمع ضوء كسياط جمع سوط، و اللفظ - على ما قيل - على تقدير مضاف و الأصل جعل الشمس ذات ضياء و القمر ذا نور.

و كذلك قوله: «و قدره منازل» أي و قدر القمر ذا منازل في مسيره ينزل كل ليلة منزلا من تلك المنازل غير ما نزله في الليلة السابقة فلا يزال يتباعد من الشمس حتى يوافيها من الجانب الآخر، و ذلك في شهر قمري كامل فترتسم بذلك الشهور و ترتسم بالشهور السنون، و لذلك قال: «لتعلموا عدد السنين و الحساب».

و الآية تنبىء عن حجة من الحجج الدالة على توحده تعالى في ربوبيته للناس و تنزهه عن الشركاء، و المعنى أنه هو الذي جعل الشمس ضياء تستفيدون منه في جميع شئون حياتكم كما يستفيد منه ما في عالمكم الأرضي من موجود مخلوق، و كذا جعل القمر نورا يستفاد منه، و قدره ذا منازل يؤدي اختلاف منازله إلى تكون الشهور و السنين فتستفيدون من ذلك في العلم بعدد السنين و الحساب و لم يخلق ما خلق من ذلك بما يترتب عليه من الغايات و الفوائد إلا بالحق فإنها غايات حقيقية منتظمة تترتب على خلقة ما خلق فليست بلغو باطل و لا صدفة اتفاقية.

فهو تعالى إنما خلق ذلك و رتبه على هذا الترتيب لتدبير شئون حياتكم و إصلاح أمور معاشكم و معادكم فهو ربكم الذي يملك أمركم و يدبر شأنكم لا رب سواه.

و قوله: «يفصل الآيات لقوم يعلمون» من المحتمل أن يراد به التفصيل بحسب التكوين الخارجي أو بحسب البيان اللفظي، و لعل الأول أقرب إلى سياق الآية.

قوله تعالى: «إن في اختلاف الليل و النهار و ما خلق الله في السماوات و الأرض لآيات لقوم يتقون» قال في المجمع، الاختلاف ذهاب كل واحد من الشيئين في جهة غير جهة الآخر فاختلاف الليل و النهار ذهاب أحدهما في جهة الضياء و الآخر في جهة الظلام، انتهى.

و الظاهر أنه مأخوذ من الخلف، و الأصل في معناه أخذ أحد الشيئين الآخر في جهة خلفه ثم اتسع فاستعمل في كل تغاير كائن بين شيئين.

يقال اختلفه أي جعله خلفه، و اختلف الناس في كذا ضد اتفقوا فيه، و اختلف الناس إليه أي ترددوا بالدخول عليه و الخروج من عنده فجعل بعضهم بعضا خلفه.

و المراد باختلاف الليل و النهار إما ورود كل منهما على الأرض خلف الآخر و هو توالي الليل و النهار الراسم للأسابيع و الشهور و السنين، و إما اختلاف كل من الليل و النهار في أغلب بقاع الأرض المسكونة فالليل و النهار يتساويان في الاعتدال الربيعي ثم يأخذ النهار في الزيادة في المناطق الشمالية فيزيد النهار كل يوم على النهار السابق عليه حتى يبلغ أول الصيف فيأخذ في النقيصة حتى يبلغ الاعتدال الخريفي و هو أول الخريف فيتساويان.

ثم يأخذ الليل في الزيادة على النهار إلى أول الشتاء و هو منتهى طول الليالي ثم يعود راجعا إلى التساوي حتى ينتهي إلى الاعتدال الربيعي و هو أول الربيع هذا في المناطق الشمالية و الأمر في المناطق الجنوبية بالخلاف منه فكلما زاد النهار طولا في أحد الجانبين زاد الليل طولا في الجانب الآخر بنفس النسبة.

و الاختلاف الأول بالليل و النهار هو الذي يدبر أمر أهل الأرض بتسليط حرارة الأشعة ثم بسط برد الظلمة و نشر الرياح و بعث الناس للحركة المعاشية ثم جمعهم للسكن و الراحة، قال تعالى: «و جعلنا نومكم سباتا و جعلنا الليل لباسا و جعلنا النهار معاشا:» النبأ: - 11.

و الاختلاف الثاني هو الذي يرسم الفصول الأربعة السنوية التي يدبر بها أمر الأقوات و الأرزاق كما قال تعالى: «و قدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين»: حم السجدة: - 10.

و النهار و اليوم مترادفان إلا أن في النهار - على ما قيل - فائدة اتساع الضياء و لعله لذلك لا يستعمل النهار إلا بعناية مقابلته الليل بخلاف اليوم فإنه يستعمل فيما لا عناية فيه بذلك كما في مورد الإحصاء يقال: عشرة أيام و عشرين يوما و هكذا، و لا يقال: عشرة نهارات و عشرين نهارا و هكذا.

و الآية تشتمل على حجة تامة على توحده تعالى في ربوبيته فإن اختلاف الليل و النهار و ما خلق الله في السماوات و الأرض يحمل نظاما واحدا عاما متقنا يدبر به أمر الموجودات الأرضية و السماوية و خاصة العالم الإنساني تدبيرا واحدا يتصل بعض أجزائه ببعض على أحسن ما يتصور.

و هو يكشف عن ربوبية واحدة ترب كل شيء و منه الإنسان فلا رب إلا الله سبحانه لا شريك له في ربوبيته
[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اضواء الخير
مشرفه عامه
مشرفه عامه
اضواء الخير


تفسير سورة يونس Jb12915568671
عدد المساهمات : 2051
تاريخ التسجيل : 22/10/2011

تفسير سورة يونس Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة يونس   تفسير سورة يونس Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 21, 2011 9:48 pm




جزاك الله خيرا أخى علاء


فى ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة يونس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الاخلاص
» تفسير سورة الفاتحة
» تفسير ماتيسر من سورة الطلاق
»  تفسير الآية 60، الصدقة تعني صدق النية مع الله سبحانه وتعالى، الفرق بين الفقير والمسكين.
» قصة يونس عللية السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات منبرالاسلام  :: الاسلامى :: علوم القران-
انتقل الى: